ثليجة البيضاء - موقع شهريار

 قصة ثليجة البيضاء

ثليجة البيضاء - موقع شهريار

في قديم الزمان عاشت ملكة وحيدة لم يكن لديها اي اطفال، وقد احزنها الامر كثيرا. في احد ايام الشتاء الباردة، كانت تجلس وهي تخيط امام النافذة عندما وخزت اصبعها، فسقطت ثلاث قطرات من الدم على الثلج، ثم فكرت في نفسها: آه، قد امنح اي شيء حتى تكون لي فتاة بيضاء كالثلج، بخدود حمراء كالدم.

وبعد مدة استجاب الله لدعواتها فاعطاها فتاة صغيرة ذات بشرة بيضاء كالثلج، و بخدود حمراء كالدم، لذلك كانوا يطلقون عليها اسم ثليجة البيضاء.

ولكن قبل ان تكبر ثليجة البيضاء، ماتت والدتها، و تزوج والدها مرة اخرى باميرة جميلة، وكانت مهووسة بجمالها و تغار من النساء اللاتي يعتقدن انهن في مثل جمالها، فكانت تقف كل صباح امام المرآة وتقول:

مرآتي، مرآتي، من هي الاجمل بين نساء العالم اجمع؟

و كانت المرآة دائما تردد: ملكتي، ملكتي العزيزة، اعظم جمال هو جمالك.

لكن ثليجة البيضاء كانت تزداد جمالا يوما بعد يوم، حتى جاء اليوم الذي سالت فيه الملكة مرآتها قائلة: مرآتي، مرآتي، من هي اجمل الجميلات بين نساء العالم اجمع؟

فاجابتها المرآة: ملكتي، ملكتي العزيزة، اجمل الجميلات هي ثليجة البيضاء.

شعرت الملكة بغيرة شديدة من ثليجة البيضاء، وفكرت في طريقة للتخلص منها، حتى ذهبت اخيرا الى الصياد و اعطته مبغا كبيرا من المال مقابل ان ياخذ ثليجة الى الغابة ليقتلها هناك، ثم يحضر قلبها الى القصر.

ولكن الصياد عندما اخذ ثليجة الى الغابة ليقتلها وبعد ان راى جمالها و طيبتها، خذله قلبه و لم يتمكن من قتلها، فتركها تذهب، و طلب منها ان تعده بالا تعود الى القصر مرة اخرى، لان الملكة ستقتلهما دون رحمة، و في المقابل قتل غزالة و اخذ قلبها الى الملكة، و اخبرها بانه قلب ثليجة البيضاء.

ظلت ثليجة تتجول خائفة و وحيدة في الغابة حتى وصلت الى كوخ جبلي و طرقت الباب، لكنها لم تتلق اي رد. كانت ثليجة البيضاء تعبة للغاية، لدرجة انها قررت رفع المزلاج و الدخول، فوجدت ثلاث اسرة صغيرة، و ثلاث كراسي صغيرة، و ثلاث خزانتها، كلها كانت جاهزة للاستخدام. صعدت الى السرير الاول و استلقت عليه، لكنه كان غير مريح للغاية، فظلت تتقلب يمينا و شمالا دون ان يغمض لها جفن، فصعدت على السرير الثاني لكنه كان ناعما كثيرا، فشعرت بالحرارة الشديدة و عجزت عن النوم، اما السرير الثالث فلم يكن قاسيا جدا، و لا ناعما جدا، بل كان مناسبا لها، فنامت بسهولة.

في المساء عاد اصحاب الكوخ، و هم ثلاثة اقزام صغار يكسبون عيشهم من التنقيب عن الفحم في التلال، وبعد ان اغتسلوا و اتجهوا الى مضاجعهم، قال اولهم: شخص ما كان ينام في سريري!

وقال الثاني: شخص ما كان ينام في سريري انا ايضا!

اما الثالث فقال: فتاة غريبة ماتزال نائمة في سريري!

فانتظروها حتى استيقظت، ثم سالوها عن سبب وجودها هناك، فاخبرتهم بكل ما قاله لها الصياد عن رغبة الملكة في قتلها. ثم سالها الاقزام عما اذا كانت ترغب في البقاء في كوخهم مقابل ان تساعدهم في القيام باعمال المنزل، وردت بانها ستكون متشكرة و سعيدة للغاية.

في صباح اليوم التالي، صعدت الملكة كعادتها الى مرآتها السحرية و سالتها: مرآتي، مرآتي، من هي اجمل الجميلات بين نساء العالم؟

فردت المرآة: ملكتي، ملكتي العزيزة، اجمل الجميلات هي ثليجة البيضاء.

علمت الملكة بان ثليجة لم تقتل، فارسلت في طلب الصياد و جعلته يعترف بانه لم يقتل ثليجة البيضاء، فجعلته يبحث عنها في الغابة صباحا و مساءا حتى يعثر عليها. و بالفعل تمكن بعد جهد طويل من ايجادها، فاخبر الملكة بانها تعيش في كوخ صغير على التل مع بعض الاقزام الذين يعملون في مناجم الفحم.

تنكرت الملكة في هيئة عجوز و لبست ملابس رثة، و اخذت معها مشطا مسموما، و اتجهت الى الكوخ الذي كانت تقطن فيه ثليجة البيضاء. حذر الاقزام ثليجة من فتح الباب للغرباء خشية ان يصيبها اي مكروه، لكنهم عندما كانوا يغادرون الى العمل، كانت تبقى بمفردها فتشعر بوحدة شديدة.

عندما وصلت الملكة المتنكرة الى باب المنزل، طرقت عليه بالعصا، لكن ثليجة صاحت من الداخل: من هناك؟ اذهب بعيدا، فانا لا يجب ان افتح الباب لاي غريب.

حسنا، اجابت الملكة: اذا امكنك القدوم الى النافذة، يمكنني ان اعرض عليك بضاعتي، و ان لم ترغبي بالشراء بعدها فلا مشكلة.

لذلك عندما ذهبت ثليجة الى النافذة قالت الملكة: اوه، ياله من شعر اسود جميل، لكنه غير مرتب للاسف، لا يجب ان تتركيه هكذا يابنتي، اليس لديك مشط لتمليسه، انظري هذا المشط سيناسبك كثيرا، و ارتها المشط المسموم الذي كانت تحمله.

لكن ثليجة البيضاء قالت لها: ليس لدي مال يا خالتي، و لا يمكنني شراء مشط جيد كهذا.

فقالت الملكة: هذا لا يهم، ربما لديك شيء ذهبي لتعطيني اياه في المقابل.

فكرت ثليجة في الخاتم الذهبي الذي اعطاه له والده، و عرضت ان تبادله مقابل المشط، اخذته الملكة بكل سرور و اعطتها المشط، ثم ودعتها و عادت الى القصر.

لم يتسنى لثليجة البيضاء اي وقت حتى تملس كامل شعرها امام المرآة، فلم تمر دقائق قليلة منذ ان وضعت المشط بشعرها حتى سقطت كما لو كانت ميتة، حيث اختفى كل الدم من خديها الحمراوين، و اصبحت بيضاء للغاية وباردة ايضا.

عندما عاد الاقزام في المساء فوجئوا بان ثليجة لم تفتح لهم الباب ولم تعد لهم اي طعام، فنظروا حولهم و سرعان ما وجدوها ملقاة على الارض كما لو كانت ميتة، لكن احدهم استمع الى قلبها فوجده مازال ينبض، فصرخ قائلا: انها حية! انها حية!

بدا الاقزام في التفكير في سبب سقوط ثليجة البيضاء مغمية بهذا الشكل، و سرعان ما عثروا على المشط، و عندما اخرجوه من شعرها، لم تمر دقائق حتى فتحت عينيها واصبحت مفعمة بالحيوية تماما كما كانت من قبل.

في صباح اليوم التالي، ذهبت الملكة الى المرآة السحرية و قالت: مرآتي، مرآتي، من هي اجمل الجميلات بين نساء العالم؟

فردت المرآة كالمرة السابقة: ملكتي، ملكتي العزيزة، ثليجة البيضاء هي اجمل الجميلات.

علمت الملكة ان ثليجة ماتزال على قيد الحياة، وان شيئا ما قد حدث للمشط الذي اعطته لها، لذلك ارتدت الملابس الرثة، و تنكرت مرة اخرى على هيئة عجوزة و اتجهت الى كوخ الاقزام تحمل معها شريطا مسموما.

عندما وصلت الى الكوخ طرقت الباب فصاحت ثليجة قائلة: لايمكنني فتح الباب، لا يمكنني ان اسمح لاي غريب بالدخول.

و كالمرة السابقة ردت الملكة قائلة: لا باس، تعالي الى النافذة و ساريك المنتجات الجديدة التي احضرتها معي بعدها بامكانك الشراء او الرفض.

عندما وصلت ثليجة البيضاء الى النافذة قالت الملكة: انت تبدين اكثر جمالا من اي وقت مضى يا صغيرتي، و لكن كيف لك ان تصففي شعرك بطريقة غير لائقة! هل استخدمت المشط الذي اعطيتك اياه بالامس؟

قالت ثليجة: نعم، و قد اصبت بالاغماء جراء ذلك، واخشى ان يكون هناك شيء ما في الامر.

فقالت الملكة: لا، لا، هذا لا يمكن ان يحدث، لا بد ان هناك خطا ما، و لكن اذا لم تتمكني من استخدام مشطي فلا باس، سوف اسمح لك بالحصول على هذا الشريط بدلا من ذلك.

اخذت ثليجة البيضاء الشريط المسموم و اتجهت الى المرآة لتربط شعرها بالشريط الذي اعطته لها الملكة، و لكنها ما ان فعلت ذلك حتى سقطت على الارض دون حراك، وبقيت ملقاة على الارض كما لو كانت ميتة.

في المساء عاد الاقزام الى الكوخ، و للمرة الثانية و جدوا ثليجة البيضاء ملقاة على الارض و كانها ميتة غير ان قلبها مازال ينبض، لكنهم سرعان ماكتشفوا الشريط على شعرها، و بمجرد ان قاموا بنزعه حتى عادت ثليجة الى الحياة بكامل صحتها.

في صباح اليوم التالي، توجهت الملكة الى مرآتها السحرية و سالتها قائلة: مرآتي، مرآتي، من هي اجمل الجميلات في هذا العالم؟

فردت المرآة: ملكتي العزيزة، ملكتي، اجمل الجميلات هي ثليجة البيضاء دون شك.

ادركت الملكة ان خطتها قد فشلت مرة اخرى، وان ثليجة لا تزال على قيد الحياة، لذلك ارتدت ملابسها و تنكرت للمرة الثالثة و عادت الى كوخ الاقزام و كانت تحمل معها هذه المرة تفاحة مسممة، و التي تم اعدادها حتى يملا السم نصفها فقط، اما النصف الآخر فقد بقي صالحا للاكل.

وصلت الملكة و حاولت فتح الباب، لكن ثليجة البيضاء صرخت قائلة: لا يمكنك الدخول، فانا لا افتح الباب للغرباء.

فقالت الملكة: حسنا يا صغيرتي، تعالي الى النافذة لتري ماذا جلبت لك.

قالت ثليجة: آه، هذا انت مجددا! انت السيدة العجوز التي جئت الى هنا مرتين من قبل، و في كل مرة يصيبني شيء سيء.

لكن الملكة ردت عليها قائلة: لا اعرف كيف يمكن ان يحدث هذا، لقد اعطيتك شيئا لشعرك فقط، ربما ربطته باحكام شديد، هذا كل ما في الامر. و لكي اظهر لك بانني لا احمل اي ضغينة تجاهك، احضرت لك هذه التفاحة الجميلة.

لكن اصدقائي اخبروني بانني لا يجب ان آخذ منك اي شيء آخر اجابتها ثليجة.

فقالت الملكة: اوه! لكن هذا ليس شيئا لارتدائه، بل هو شيء لتقومي باكله، و لاثبت لك انه لا ضرر منه سآكل نصفها امامك، و اعطيك النصف الآخر لتقومي باكله.

و هكذا قطعت الملكة التفاحة الى نصفين فتناولت النصف الاول اعطت النصف المسمم الى ثليجة البيضاء لتتناوله، و بمجرد ان اكلت ثليجة التفاحة حتى سقطت ميتة، فهربت الملكة بعيدا وعادت الى القصر، لتصعد مباشرة الى مرآتها و تسالها: مرآتي، مرآتي، من هي اجمل الجميلات في هذا العالم؟

وهذه المرة كانت اجابة المرآة مختلفة عن سابقاتها: ملكتي العزيزة، ملكتي، انت هي اجمل الجميلات الآن.

عندها علمت الملكة ان ثليجة قد ماتت، و انه لم يبقى احد لينافس جمالها بعد اليوم.

عندما عاد الاقزام الى المنزل في تلك الليلة وجدوا ثليجة البيضاء ملقاة على الارض دون حراك، ولم يتمكنوا هذه المرة من معرفة ما حدث لها او كيف يمكنهم علاجها. وعلى الرغم من انها كانت تبدو ميتة، الى ان ثليجة البيضاء احتفظت ببشرتها البيضاء الجميلة وبدت كانها تمثال اكثر من كونها شخصا ميتا، لذلك صنع لها الاقزام صندوقا زجاجيا، ووضعوها داخله. و بقيت هناك اياما و اياما دون ان تتغير على الاطلاق، و كانت تبدو جميلة جدا في الصندوق الزجاجي.

و في احد الايام حدث ان مر امير من البلد المجاور على كوخ الاقزام، و كان يصطاد في الغابة بينما شعر بعطش شديد فاراد الحصول على بعض الماء من الكوخ، غير انه لم يجد احدا في الداخل سوى ثليجة البيضاء نائمة في صندوقها الزجاجي، و ما ان رآها حتى وقع في حبها على الفور، وجلس بجانبها حتى عاد الاقزام الى البيت، وسالهم عمن تكون، فاخبروه بقصتها. عندها توسل الامير من الاقزام حتى ياخذ ثليجة معه الى بلده فقد يعثر لها على علاج هناك.

في البداية رفض الاقزام ذلك تماما، لكنهم عندما راوا مقدار حبه لها و خوفه عليه استسلموا لطلبه اخيرا، فامر رجاله بحمل الصندوق الى قصره.

بينما قام الرجال بحمل ثليجة البيضاء طول الطريق اسفل الجبل، حدث ان اهتز الصندوق بشدة لدرجة ان التفاحة المسمومة سقطت في حلق ثليجة، فانتعشت و فتحت عينيها لتنظر الى الامير الذي كان يركب بجانبها، رآها الامير فطلب من رجاله فتح الصندوق ثم اخبرها بكل ما حدث، واخذها معه الى قلعته و تزوجها.

بعد ايام صعدت الملكة مرة اخرى لمرآتها السحرية و سالتها: مرآتي، مرآتي، من هي اجمل الجميلات في هذا العالم.

فردت المرآة عليها: ملكتي العزيزة، ملكتي، ثليجة البيضاء هي اجمل الجميلات على الاطلاق.

كانت الملكة غاضبة للغاية و محتقنة لان جميع خططها لقتل ثليجة قد باءت بالفشل، فهرعت الى النافذة و القت بنفسها من الاعلى و ماتت على الفور.

تعليقات

  1. اعجبني موقع شهريار كثيرا، انا اقرا لابنائي كل يوم قصة من هذا الموقع، اليوم عيد ميلاد ابنتي سندس، كل عام وانت بالف خير يابنتي الغالية 😘😘

    ردحذف
  2. شهريار اجمل موقع للقصص على الاطلاق😻😻

    ردحذف