النوافذ الذهبية - موقع شهريار

 قصة النوافذ الذهبية

قصة النوافذ الذهبية

في قديم الزمان كان هناك طفل صغير، وكان هذا الطفل يعمل بجد طوال اليوم، فكان يقضي يومه بين الميدان و الحظيرة و السقيفة. ولان شعبه كانوا مزارعين فقراء ولم يتمكنوا من الدفع له بالشكل المناسب، لم يكن الفتى الصغير يتوقف عن العمل مطلقا ماعدا ساعة واحدة قبل الغروب كان بامكانه ان يلتقط فيها انفاسه اخيرا، فكان يصعد الى قمة التل و ينظر الى التل الآخر الذي يوجد على بعد بضعة اميال.

على هذا التل كان يوجد منزل به نوافذ من الذهب الخالص و الالماس، و قد اشتد بريقها لدرجة ان الفتى كان يعجز عن النظر اليها لفترة طويلة، ولكن بعد فترة من الزمن، يقوم سكان البيت بوضع المصاريع، ليبدو كاي منزل مزرعة مشترك. افترض الصبي انهم فعلوا ذلك لانه وقت العشاء، فيدخل بعد ذلك لتناول عشاءه المكون من الخبز و الحليب و يخلد الى النوم.

وفي احد الايام ناداه والده وقال له: لقد كنت ولدا صالحا، وقد حصلت على اجازة فخذ هذا اليوم كله دون ان تعمل فيه، فحاول استغلاله جيدا و تعلم اشياء مفيدة.

شكر الولد اباه و قبل امه، ثم وضع قطعة من الخبز في جيبه، و انطلق في رحلته لاستكشاف البريق العجيب الذي كان يراه في التل البعيد.

كان المشي ممتعا جدا بالنسبة له، حيث تركت اقدامه العارية الصغيرة علاماتها على الغبار الابيض، و عندما كان يلتفت خلفه كان يرى آثار الاقدام و كانها ترافقه و تتبعه، و كان ظله ايضا يبقى بجانبه دائما، فكان يرقص او يركض معه كما يشاء، لذلك كانت الرحلة مبهجة للغاية.

ومع مرور الوقت شعر الصغير بالجوع فجلس على حافة النهر و اكل خبزه، و شرب من ماء النهر الصافي، ثم نثر الفتات للطيور كما علمته امه، و مضى في طريقه.

وبعد وقت طويل وصل اخيرا الى التلة الخضراء العالية التي كان يشاهدها من بعيد، و عندما صعد التلة، وجد منزلا وحيدا في الاعلى، ليفاجا بوجود المصاريع مفتوحة، غير انه لم يتمكن من رؤية النوافذ الذهبية. لقد وصل اخيرا الى المنزل، و لشدة خيبته فقد اوشك على البكاء، لان النوافذ كانت من الزجاج الشفاف مثل اي نوافذ اخرى، ولم يكن هناك اي ذهب حولها.

وقفت امراة على عتبة الباب، و نظرت الى الصبي الصغير ثم سالته بلطف عما يريد.

فاجابها قائلا: رايت النوافذ الذهبية من اعلى تلتنا، و جئت لرؤيتها لكنها الآن مجرد زجاج.

هزت المراة راسها ثم اخذت تضحك.

قالت: نحن مزارعون فقراء، و من غير المرجح ان يكون لدينا ذهب حول نوافذنا، لكن الزجاج افضل للرؤية من خلاله الا تعتقد هذا ايضا!

طلبت من الصبي ان يجلس على الدرجة الحجرية العريضة امام الباب، و احضرت له كوبا ساخنا من الحليب و الكعك، و طلبت منه ان يستريح، ثم نادت ابنتها الصغيرة، وهي طفلة في مثل عمره، ثم اومات لها براسها، و غادرت الى عملها.

كانت الفتاة الصغيرة حافية القدمين مثله، و كانت ترتدي كنزة قطنية بنية، لكن شعرها كان ذهبيا مثل النوافذ التي رآها، و عينيها زرقاء مثل السماء عند الظهيرة. قادت الفتى في جولة حول المزرعة، و ارته عجلها الاسود مع النجمة البيضاء التي تعلو جبهته، و اخبرها عن عجله في المنزل، الذي كان احمر مثل الكستناء، وله اربع اقدام بيضاء. و عندما اكلا التفاح معا، بعد ان اصبحا اصدقاء، سالها الصبي عن النوافذ الذهبية، فاومات الفتاة الصغيرة براسها، وقالت بانها قد فهمت كل شيء، و هو اخطا في المنزل.

قالت الفتاة: لقد اتيت في الطريق الخاطئ تماما، تعال معي و ساريك المنزل ذو النوافذ الذهبية، و حينئذ ستنظر بنفسك.

ذهبا الى هضبة خلف المزرعة، و اثناء ذهابهما اخبرته الفتاة الصغيرة بان النوافذ الذهبية لا يمكن ان ترى الا في ساعة معينة، عند غروب الشمس تقريبا.

نعم، اعرف ذلك، قال الفتى الصغير.

عندما وصلوا الى قمة الهضبة، استدارت الفتاة و اشارت له بيدها، و هناك على تلة بعيدة، كان يوجد منزل به نوافذ من الذهب الخالص و الالماس، كما رآها تماما. و عندما دقق الصبي النظر وجد بانه منزله!!

ثم قال للفتاة انه يجب ان يذهب و اعطاها افضل حصاته، الحصاة البيضاء ذات الشريط الاحمر، و التي كان يحملها في جيبه لمدة عام، اما هي فاعطته ثلاث حبات كستناء واحدة حمراء مثل الساتان، و واحدة مرقطة، و الثالثة بيضاء مثل الحليب، فاحتضنها ثم وعدها بالقدوم مرة اخرى، لكنه لم يخبرها بما يعرفه. و هكذا عاد الى اسفل التل، ووقفت الفتاة الصغيرة في ضوء غروب الشمس تراقبه وهو يذهب.

كان الطريق الى المنزل طويلا، و كان الظلام قد حل قبل ان يصل الصغير الى منزل عائلته، لكن ضوء المصباح و النار كانا يتالقان عبر النوافذ، مما جعلها ساطعة تماما كما رآها من قمة التل، وعندما فتح الباب، جاءت امه لتقبله، وركضت اخته الصغيرة لتضع ذراعيها حول رقبته، و نظر والده اليه مبتسما من مقعده بجوار النار.

"هل كان يومك جيدا" سالته والدته.

نعم، لقد قضيت وقتا جميلا للغاية.

وهل تعلمت شيئا جديدا في مغامرتك؟ سال والده.

نعم! قال الفتى، لقد علمت ان في منزلنا نوافذ من الذهب الخالص و الالماس.

تعليقات